إن الطب في الحضارة المصرية القديمة كان متقدمًا بشكل كبير، وقد انتشر في الفترة من القرن الثالث والثلاثين ق.م، وحتى غزو الفرس لمصر عام 525 ق.م، الجدير بالذكر أن الطب في تلك الآونة شمل الجراحات البسيطة، وتركيب الكثير من الأدوية، وإصلاح كسور العظام وغير ذلك الكثير، ومن خلال موقع فنون العلم نتعرف على الطب المصري القديم.
جدول المحتوى
الطب في الحضارة المصرية القديمة

مع براعة المصري القديم في الكثير من العلوم والفنون، فقد ظهرت براعته في الطب أيضًا، والتي قدم بها نموذجًا فريدًا من نوعه في مجالات الأمراض من حيث معرفة أسبابها، وطرق معالجتها، حيث تم تقسيم الطب في مصر القديمة إلى الآتي:
1- التشخيص
كان المصري القديم يقوم بتشخيص المريض من خلال بعض الأساليب التي تتمثل في الآتي:
- استجواب المريض بشكل مفصل.
- القيام بالفحص البصري لكافة أجزاء الجسم، والأعضاء الخاصة بالمرض.
- شم رائحة الجسد، وذلك من حيث النفس والعرق.
- القيام بالجس، والتحسس، والطرق.
- محاولة تقدير درجة حرارة الجسم.
- بالإضافة إلى القيام بفحص البول والبراز عيانيًا.
2- معرفة المرض
استكمالًا لمعرفة الطب في الحضارة المصرية القديمة، نشير إلى أن المصري القديم ميز بين الأمراض، وقام بتقسيمها إلى نوعين هما الأمراض الداخلية، والتي كان يتم رؤيتها بسبب أرواح تهجم على الجسد، والأمراض الخارجية التي كانت تتم رؤيتها على أنها حوادث طارئة على الجسد مثل الكسور والأورام وغير ذلك.
الجدير بالذكر أن الآلهة المصرية القديمة لم تسلم من الأمراض في معتقداتهم، إذ إن إيزيس كانت قد تعرضت إلى خراج في ثديها عقب ولادتها، كما أن ولدها حورس كان مصابًا أيضًا، وأيضًا رع كان قد تعرض لعضة ثعبان في مؤخرة قدمه، وكاد أن يلقى حتفه، لو لم تقم إيزيس بشفائه.
الأهم من ذلك أنه لم يتم النظر إلى الموت على أنه عقاب إلهي مثلما فعل البابليون والسومريون، حيث إنهم رأوه على أنه استمرار لحياة أخرى.
حيث يقوم الميت بفعل ما كان يفعله في الحياة، لكن في مكان آخر يطلق عليه الدوات، أي العالم الآخر، ولهذا فقد كانوا يفضلون حفظ أجسادهم من خلال التحنيط عند الفراعنة، وذلك لاستمرار استعمالها في الآخرة.
وعلى الرغم من جمعهم طب السحر مع الطب العلمي في مصر القديمة، لكن تم التوجه إلى الطب العلمي أكثر في فترات عديدة، حيث نجد أنهم كانوا يعزون الأمراض بسبب الإفراط في التغذية، وأنه يتم حدوثها بسبب انسداد في الشرايين أو امتزاج الأخلاط التي تجري بها.
وقد وصف المصريين ما يقرب من 250 مرضًا باطنيًا، لا يزال بعضها غير معروف أو مؤكد، لكن كان هناك وصف للكثير من الأمراض العظمية والتناسلية وغيرها.
3- العلاج في مصر القديمة

جرى العلاج بالكثير من الوسائل المختلفة، وذلك تبعًا لنوع التشخيص، حيث كان هناك الكثير من الأدوية التي يتم تحضيرها من الأعشاب أو المعادن، أو من بعض المصادر الحيوانية، كما كانت هناك بعض الإجراءات الأخرى مثل الجراحة التي كانت متقدمة في الحضارة المصرية القديمة، وذلك قياسًا بشعوب العالم القديم.
يذكر أن الجراحين كان يطلق عليهم كهنة الإلهة سخمت، ومن أبرز أنواع الجراحة (فتح الخراجات، التربنة، الختان، ثقب الجمجمة، التجبير)، الأهم من ذلك أنه كان يتم التخدير قبل الجراحة من خلال زهرة الخشخاش، ويتم خياطة الجروح، ومعالجتها بالأربطة، أو اللحم الحي، مع الأعشاب القابضة والعسل.
تجدر الإشارة إلى أن علاج العيون يتم إجراؤه من خلال ريشة نسر، وكان يتم استخدام القطارة أيضًا، كما أنهم كانوا يعيدون الرحم لمكانه إذا خرج بعد الولادة، ويمكن القراءة أكثر عن علاجات النساء والولادة في البرديات الطبية الفرعونية.
من بين أنواع العلاجات الغربية التي وردت في إحدى البرديات الطبية، علاج الصداع النصفي الذي كان يتم من خلال ربط تمثال من الطين على رأس المريض، ويتم حشر أعشاب طبية في فمه.
4- المتابعة
وصولًا إلى الطب في الحضارة المصرية القديمة، نشير إلى أنه بعد أن يتم التشخيص وإعطاء الدواء يتم متابعة المرض، ومراقبة أخذ الدواء، ويتم استبدال الدواء إذا لم يكن نافعًا، كما أنه في حالة الكسور، فإنه يتم إزالة الأربطة، ويتم معالجة القروح، ثم يتم تطهير الجروح بالمراهم وغسلها وتنظيفها.
اقرأ أيضًا: عوامل قيام الحضارة المصرية القديمة
من مشاهير أطباء قدماء المصريين
من خلال معرفة الطب في الحضارة المصرية القديمة نذكر أن أول وثيقة طبية يرجع تاريخها إلى الملك دن الذي يعد من ملوك الأسرة المصرية الأولى، وتعتبر تلك الوثيقة وثيقة طبية بها مجموعة من التعاويذ الخاصة بزوال الآلام في صندوق يوجد به مخطوطات موضوعة تحت قدمي تمثال الإلة أنوبيس في مدينة أوسيم من عهد أحد الملوك الفراعنة.
كما أنه كان مكتوب عليها أن تلك الأقدام المربطة كانت بواسطة كاتب الكلام المقدس كبير الأطباء الذي يرضي الإله، وقام بعمل الكتاب من خلال كاهن الإله آتون.
تجدر الإشارة إلى أن المؤرخ مانيثون ذكر أن الملك حور عحا ثاني ملوك الأسرة الأولى كان يقوم بممارسة الطب، وظلت كتاباته في التشريح حتى القرن الثالث ق.م، ومن أشهر الأطباء أيضًا:
1- إيمحوتب
كان الطبيب إيمحوتب في عهد الملك زوسر، وهو من قام بتصميم هرم زوسر، وهو طبيب ممفيس، وقد كان أيضًا وزير مصر، ومدير القصر العزيز، وكبير كهنة هليوبوليس، ورئيس المثالين، ويذكر أنه يُنسب إليه تأليف بردية إدوين سميث، وقد ارتفعت مرتبته عقب وفاته بألفي عام إلى إله الطب والشفاء.
2- حسي رع
كان حسي رع في عهد الملك زوسر أيضًا، وقد كان رئيس أطباء الأسنان، ورئيس كتاب الملك، وأبو قد حتب، وأبو من، ومنظم احتفال محيت، وكان حافظ ملابس الملك، وناظر كتاب القصر الأكبر بين أول عشرة في صعيد مصر.
ومن أهم آثاره لوحة خشبية، ويقال إنه من أوائل الأطباء المعروفين في التاريخ، وأنه تم دفنه في مقبرة كبيرة في سقارة.
اقرأ أيضًا: أعظم الحضارات في التاريخ
3- مريت بتاح
تعد مريت بتاح طبيبة، ويقال إنها أول طبيبة في تاريخ الطب في مصر القديمة، ولُقبت برئيسة الأطباء، وكانت من الأسرة الثالثة، ويقع قبرها في سقارة.
4- الطبيب ايري
تم ذكر اسمه في مقبرة واقعة بالقرب من أهرامات الجيزة، وهو كان طبيبًا للرمد، وكان لقبه طبيب القصر الملكي، ومفتش أطباء القصر.
5- الطبيب بنثو
كان الطبيب بنثو في عصر الأسرة الثامنة عشر، في عصر الملك أخناتون تحديدًا، ولُقب بحامل أختام ملك الوجه البحري، نائب ملك الوجهين، سميره الوحيد، المحبوب من ملك مصر، والكاتب الأول للملك، والكاهن الأول للإله آتون في معبد أخناتون، ومستشار الملك، ورئيس الأطباء، ورئيس العمداء.
وهو أيضًا كان طبيب آتين، وقام بخدمة الملك آي بعد أن كان وزيرًا للملك توت عنخ آمون، والأهم أن لديه مقبرة من بين مقابر النبلاء في تل العمارنة.
في نهاية التعرف على جانب أساسي من الطب في الحضارة المصرية القديمة، تجدر الإشارة إلى أن الطب في تلك الحقبة يعتبر من أهم المعجزات التي قامت عليها تلك الحضارة، وأنه ساهم في تطور الطب عبر العصور، وحتى يومنا هذا، وذلك لعظمة الأطباء القدماء، وعظمة اكتشافاتهم.