التغيرات المناخية واثرها على البيئة من الموضوعات الواجب الانتباه لها، حيث إن النشاط الإنساني هو إحدى المحركات الأساسية للتغيرات المناخية، مما يجعل من نشر الوعي حول تلك السلوكيات الضارة أولى الخطوات نحو إيجاد حلول التغير المناخي، لذا سوف نتناول من خلال موقع فنون العلم تأثير التغيرات المناخية على البيئة.
ما هو التغير المناخي
عند الحديث عن التغيرات المناخية واثرها على البيئة، يجب البدء بتعريف التغير المناخي، وهو مجموعة من التحولات طويلة الأجل بأنماط الطقس، ودرجة الحرارة، والتي تكون ناتجة عن الانفجارات البركانية الكبرى، أو النشاط الشمسي، لكن منذ بدء الإنسان في التوجه للوقود الأحفوري مثل النفط والفحم، أصبح النشاط البشري محركٌ أساسيٌّ لتغيرات المناخ.
يُنظر للممارسات مثل حرق الوقود الأحفوري في التدفئة، وتشغيل محركات السيارات بالبنزين، إضافة إلى عمليات قطع الأشجار على أنها المحرك الرئيسي لتغيرات المناخ، حيث ينتج عنها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان، والتي تغلف كوكب الأرض، وتؤدي لحبس حرارة الشمس، ورفع درجات الحرارة.
التغيرات المناخية واثرها على البيئة
يمتد تأثير التغيرات المناخية على البيئة إلى العديد من الزوايا، وسوف نستعرض أبرزها خلال الفقرات التالية:
1- التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة
يؤثر التغير المناخي على ارتفاع درجات الحرارة، فبحسب الدراسات فإنه منذ الثمانينات يكون كل عقد أكثر دفئًا من سابقه، كما توضح الدراسات أن العقد بين 2011، و2020 هو العقد الأكثر دفئًا على الإطلاق، وعليه فإنه تزيد موجات الحر، كما تزيد فرص حدوث حرائق الغابات، حيث يسهل انتشارها بشكل أسرع في الأجواء الدافئة.
2- التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة المحيطات
لا يقتصر تأثير التغيرات المناخية على درجة حرارة سطح الأرض، بل تمتد إلى رفع درجة حرارة المحيطات؛ مما يتسبب في ذوبان الجبال الثلجية، وعليه تزداد المساحة المائية، وذلك يشكل خطرًا كبيرًا على المجتمعات الساحلية والجزرية.
كما يساهم ذلك في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها المحيطات، مما يزيد من حمضية المياه، وذلك يفاقم من تأثير التغير المناخي على الحياة البحرية، والشعب المرجانية.
3- تأثير التغيرات المناخية على شدة العواصف
التغيرات المناخية واثرها على البيئة تمتد أيضًا إلى العواصف، حيث تصبح أكثر شدة وتدميرًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والذي على إثره تزيد معدلات التبخر، وعليه تزداد الأمطار والفيضانات حدة، كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات يساهم في زيادة شدة الزوابع والأعاصير الاستوائية، والتي تتسبب في تدمير المنازل، وتزايد حالات الوفاة، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية.
4- تأثير التغيرات المناخية والموارد المائية
الاحترار العالمي الناتج عن التغيرات المناخية يؤثر مباشرةً على الأمن المائي، إذ تتزايد معدلات الجفاف، وعليه تتأثر الزراعة أيضًا، وذلك يساهم في ضعف النظام البيئي، ذلك بالإضافة إلى التسبب في زيادة مساحات الصحاري، وتقلص المساحات الزراعية، مما يؤثر على فرص الكثيرين في الحصول على المياه، والغذاء بشكل منتظم.
5- تأثير التغيرات المناخية على التنوع البيولوجي
التغيرات المناخية واثرها على البيئة تتضمن زيادة معدل انقراض الأنواع، فبحسب الدراسات فإن معدل فقد الأنواع زاد بمعدل 1,000 مرة عما سبق من تاريخ البشرية، وذلك لما تحدثه التغيرات المناخية من تأثير على بيئة الكائنات الحية مثل الحرائق بالغابات، وتقلبات الطقس الحادة، لذا فإنه من المتوقع فقد عدد أكبر من الأنواع بالمستقبل.
6- تأثير التغيرات المناخية والأمن الغذائي
تساهم التغيرات المناخية بشكل ملحوظ أيضًا على الأمن الغذائي، حيث إنه يؤثر على المحاصيل، والكائنات البحرية، والماشية كذلك، كما يمكن أن يؤثر الإجهاد الحراري على تقلص المساحات العشبية الصالحة للرعي، مما سيتسبب في تراجع الثروة الحيوانية، وانخفاض غلة المحاصيل كذلك.
7- تأثير التغيرات المناخية على الصحة
التغيرات المناخية واثرها على البيئة يزداد تفاقمًا مما يجعله تهديدًا حقيقيًا لصحة البشرية، حيث إن التلوث، والظواهر الجوية الحادة الناتجة عن التغيرات المناخية تزيد من معدلات الجوع وسوء التغذية، إضافة إلى انتشار الأمراض، مما يجعل العوامل البيئية تودي بحياة ما يقارب 13 مليون شخص.
من المتوقع أيضًا أنه في الفترة من 2030 إلى 2050، سوف يزيد معدل الوفيات الناتجة عن التغيرات المناخية نحو 250,000 حالة سنويًا بسبب الإجهاد الحراري، ونقص التغذية، والأمراض مثل الملاريا والإسهال.
8- تأثير التغيرات المناخية على الفقر والنزوح
تؤثر الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية بشكل مباشر في زيادة معدلات الفقر والنزوح، إذ تسبب الأحداث الناتجة عن تقلبات الطقس، مثل الفيضانات في نزوح ما يقارب 23.1 مليون شخص لكل عام في الفترة من 2010 إلى 2019.
حيث تدمرت المنازل بالمدن الفقيرة المتعرضة للفيضانات، وسبل العيش، ذلك بالإضافة إلى قلة المحاصيل، والموارد الغذائية، التي تزيد حالة الفقراء سوءًا حول العالم.
ما هي أسباب حدوث التغيرات المناخية
على ضوء ما أوضحناه حول التغيرات المناخية واثرها على البيئة، نجد أنه من أجل تقليلها يجب معرفة أسبابها، والتي نوضحها فيما يلي:
1- توليد الطاقة
يتم جزء كبير من توليد الطاقة الكهربية والحرارية من خلال حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم، والغاز، والزيت، مما يزيد من معدل الانبعاثات العالمية مثل ثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروز، والتي تعد ضمن الغازات الدفيئة التي تشكل غلافًا للأرض يحبس حرارة الشمس.
2- تصنيع البضائع
تساهم الصناعات المختلفة مثل الحديد والصلب، والإسمنت، والبالستيك، والملابس، والإلكترونيات، وغيرها في زيادة الانبعاثات أيضًا، حيث تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة التي تنشأ عن طريق حرق المزيد من الوقود الأحفوري.
3- قطع الغابات
نتابع عرض أسباب حدوث التغيرات المناخية واثرها على البيئة، حيث نتناول قطع الغابات الذي يقوم به البشر، إذ يتم تدمير قرابة 12 مليون هكتار من الغابات سنويًا من أجل إنشاء المزارع والمراعي، والتي تتسبب في زيادة الانبعاثات بشكل مباشر، حيث إن الأشجار التي يتم قطعها تطلق الكربون الذي كانت تخزنه.
يساهم قطع الأشجار في زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون، والتي كانت تمتصه الغابات، مما يقلل من قدرة الطبيعة على إبعاد الانبعاثات إلى خارج الغلاف الجوي، وجدير بالذكر أن هذا النشاط إلى جانب التغيرات المختلفة في استخدام الأراضي يشكل قرابة ربع الانبعاثات العالمية.
4- وسائل النقل
استخدام وسائل النقل يعد ضمن أسباب حدوث التغيرات المناخية واثرها على البيئة، حيث تستخدم وسائل النقل المختلفة مثل السيارات، والسفن، والطائرات الوقود الأحفوري من أجل إنتاج الطاقة، مما يزيد من الانبعاثات، إذ تعد وسائل النقل المسؤولة عما يقارب ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبط بالطاقة عالميًا.
5- إنتاج الأغذية
إنتاج الأغذية يساهم في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة مثل الميثان، وثاني أكسيد الكربون بطرق عدة، إذ إن إزالة الغابات من أجل استخدامها في الزراعة والرعي، وعمليات الهضم لدى المواشي، وإنتاج الأسمدة لزراعة المحاصيل، وإضافة لاستخدام الوقود الأحفوري في تشغيل معدات الزارعة المختلفة، وقوارب الصيد، كل هذا يزيد الانبعاثات التي تشكل العامل الرئيسي في تغير المناخ.
6- استهلاك الطاقة بالمباني
من الأسباب التي تزيد من التغيرات المناخية واثرها على البيئة هو تزود المباني بالطاقة، حيث تستهلك المباني السكنية والتجارية ما يزيد من نصف الكهرباء الناتجة عن طريق حرق الوقود الأحفوري، ناهيك عن استخدامه أيضًا في التدفئة والتبريد.
7- تزايد الاستهلاك
على ضوء ما عرضنا من أسباب التغيرات المناخية، نجد أنه ثمة ارتباط وثيق بين زيادة الاستهلاك البشري بالتغيير في المناخ، إذ إن الطاقة التي تستهلكها منازلنا، ووسائل المواصلات التي نركبها، إضافة إلى المنتجات المختلفة المصنوعة من البلاستيك والملابس وغيرها، تساهم جميعها بشكل مباشر في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة.
جدير بالذكر أن الأغنياء يقع عليهم مسؤولية أكبر، حيث إن نسبة 1% من سكان العالم الأغنياء يتسببون في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة أكثر مما يتسبب به السكان الفقراء حول العالم بما يفوق 50%.
ما هي الحلول للحد من التغيرات المناخية
أوضحنا أن أسباب التغيرات المناخية واثرها على البيئة تتمحور حول زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وسنوضح الحلول المقترحة للحد من ذلك فيما يلي:
1- التوجه إلى مصادر طاقة بديلة
التوجه إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الشمسية، الرياح، والطاقة المائية، سوف يساهم في التقليل من الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الطاقة بواسطة حرق الوقود الأحفوري.
2- إعادة التشجير
العمل على زيادة المساحات الخضراء، والزراعة المستدامة، سيساهم بشكل مباشر في تعزيز قدرة الطبيعة في إبقاء الغازات الدفيئة خارج الغلاف الجوي، وامتصاص الأشجار لغاز ثاني أكسيد الكربون، مما يحسن جودة الهواء، ويقلل من تأثير التغيرات المناخية على البيئة.
3- تعزيز السياسات البيئية الدولية
يجب أن تتعاون الدول في العمل على بناء سياسات مشتركة، وإبرام اتفاقيات مشتركة بهدف التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في التغيرات المناخية وأثرها على البيئة، حيث إن المخاطر المترتبة عليها تهدد صحة البشرية، والأمان الغذائي في مختلف الدول، لذا يجب توحيد الجهود معًا لإنقاذ كوكبنا.
4- تشجيع البحث العلمي
يجب العمل على تشجيع البحث العلمي، وتطوير تقنيات جديدة تساهم في الانتقال إلى الطاقة البديلة؛ للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، إضافة إلى العمل على وضع استراتيجيات فعالة للتكيف مع التغيرات المناخية.
5- نشر الوعي
من المهم نشر الوعي حول مسؤولية كل فرد في التقليل من استهلاك الطاقة، والمنتجات، وأهمية التشجير والزراعة المستدامة للتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك ما دفعنا لإثارة تلك القضية المهمة، لنساهم في نشر الوعي حول خطورة آثار التغيرات المناخية على البيئة.
خلاصة ما تقدم أن التغيرات المناخية واثرها على البيئة تمتد وتمثل خطرًا على صحة البشر حول العالم، كما تهدد الأمن الغذائي للكثير من البشر، وكذلك تزيد من معدلات الفقر والنزوح، كما أوضحنا أن الإنسان مسؤول بشكل رئيسي عن تلك التغيرات من خلال زيادة استهلاكه للطاقة المنتجة بواسطة حرق الوقود الأحفوري، مما يزيد الانبعاثات العالمية.
