سمات الشخصية الحساسة في علم النفس من الموضوعات التي أثيرت في التسعينات، حيث قامت الدكتورة أيلين آرون بأبحاث مكثفة، وتوصلت إلى أن 15-20% من البشر حول العالم يمتلكون تلك السمات، والتي فصلت من خلال أبحاثها أسبابها الوراثية، والاجتماعية، وسوف نتناول من خلال موقع فنون العلم تعريف الشخصية الحساسة في علم النفس وسماتها.
جدول المحتوى
Toggleما هو تعريف الشخصية الحساسة في علم النفس
لنتحدث عن سمات الشخصية الحساسة في علم النفس، يكون علينا في البداية تعريف ماهية الشخصية الحساسة أو (Highly Sensitive Person – HSP)، وهو تعريف وضعته الدكتورة أيلين آرون بعد أبحاث مكثفة على الأشخاص الذين يمتلكون مجموعة من السمات الشخصية، والتي تميزهم عن غيرهم بأنهم يمتلكون جهازًا عصبيًا أكثر حدة.
وفقًا لأبحاث الدكتورة أيلين آرون أن 15-20% من البشر يمتلكون تلك السمات، والتي تجعلهم أكثر استجابة للمؤثرات الخارجية على المستوى الحسي أو العاطفي مقارنة بغيرهم، كما يلاحظ عليهم تأثر أكبر بالإضاءة، والأصوات، والأماكن المزدحمة، وكذلك المشاعر المحيطة، وقد تم تصنيف الشخصية الحساسة بأنها سمات وراثية، واجتماعية مكتسبة، وليست اضطرابًا بالشخصية.
سمات الشخصية الحساسة في علم النفس

على ضوء تعريف الشخصية الحساسة في علم النفس، سوف نتناول أبرز السمات التي تميز بها هذا النوع من الشخصيات فيما يلي:
1- المعالجة العميقة للمعلومات
أحد أبرز سمات الشخصية الحساسة هي المعاجلة العميقة للمعلومات (Depth of Processing)، وتتمثل في الآتي:
- يتميز الأشخاص أصحاب الشخصية الحساسة بتحليلهم الدقيق للمواقف قبل الإقدام على اتخاذ القرارت، مما يجعلهم أكثر وعيًا بالنتائج المحتملة، والتفاصيل.
- تظهر دراسات التصوير الدماغي للأشخاص أصحاب الشخصية الحساسة؛ أن لديهم نشاطًا زائدًا بمناطق مثل القشرة الانعزالية المسؤولة عن الوعي الذاتي والعاطفي.
2- الإرهاق من المحفزات الخارجية
الإرهاق من المحفزات الخارجية (Sensory Overload) من السمات المشتركة أيضًا بين الأشخاص أصحاب الشخصية الحساسة، ونتناولها بالتفصيل فيما يلي:
- نظرًا لامتلاك أصحاب الشخصية الحساسة جهازًا عصبيًا حساسًا، فإنهم يشعرون بالانزعاج بشكل أسرع من غيرهم بالأماكن الصاخبة أو المزدحمة.
- تجد الأشخاص أصحاب الشخصية الحساسة أكثر ميلًا لتجنب الروائح القوية، والضوضاء العالية، والأضواء الساطعة.
3- استجابة عاطفية قوية
ضمن سمات الشخصية الحساسة في علم النفس؛ أن لديهم استجابة عاطفية قوية (Emotional Reactivity)، وذلك على النحو التالي:
- يظهر على الأشخاص أصحاب الشخصية الحساسة ردود فعل قوية تجاه المشاعر الإيجابية والسلبية، مثل التأثر العميق بالفنون، أو البكاء بسهولة.
- ترتبط هذه السمة بزيادة إفراز هرمون مثل الكورتيزول عند تعرض أصحاب الشخصية الحساسة للضغط.
4- الحساسية الجسدية
الحساسة الجسدية (Physical Sensitivity) ضمن سمات أصحاب الشخصية الحساسة، إذ يعانون من الحساسية تجاه الألم، أو الجوع، أو الكافيين بشكل أكبر من غيرهم.
5- تجنب الصراعات
من السمات البارزة للأشخاص أصحاب الشخصية الحساسة أنهم يميلون لتجنب الصراعات (Conflict Avoidance)، إذ إنهم يخشون التأثير على العلاقات سلبيًا، وذلك يرجع لزيادة نشاط القشرة الحزامية الأمامية، والتي ترتبط بالشعور بالتعاطف.
6- الحدس القوي
عادةً يكون أصحاب الشخصية الحساسة لديهم حدس قوي (Strong Intuition)، إذ لديهم القدرة على ملاحظة التغيرات الطفيفة بنبرة الصوت، ولغة الجسد، مما يجعلهم مهرة في فهم مشاعر من حولهم.
اقرأ أيضًا: أنواع الشخصيات في علم النفس
عوامل تكون الشخصية الحساسة في علم النفس

بعدما أوضحنا أبرز سمات الشخصية الحساسة في علم النفس، نشير إلى أنها تتكون نتيجة التفاعل الديناميكي بين عوامل وراثية وأخرى بيئية، وذلك على النحو التالي:
1- العوامل الوراثية (جينية وعصبية)
تشير الأبحاث أن الجينات والجهاز العصبي يلعبان دورًا رئيسيًا في تكون الشخصية الحساسة، وذلك على النحو التالي:
- تشير الدراسات التي تمت على التوائم أن 40-50% من الحساسية العالية تعود لعوامل جينية تؤثر على استجابة الجهاز العصبي.
- أظهر التصوير الدماغي لأصحاب الشخصية الحساسة أن لديهم نشاط بالقشرة الانعزالية المسؤولة عن الوعي الذاتي، واللوزة الدماغية المسؤولة عن معالجة العواطف.
- يمتلك الأفراد أصحاب الشخصية الحساسة جهازًا عصبيًا حاد الاستجابة، مما يجعلهم يستجيبون للمحفزات بشكل أكبر مقارنة بغيرهم.
2- العوامل البيئية والتجارب المبكرة
وفقًا للدراسات فإن العوامل البيئية، والتنشئة تشكل سمات الشخصية الحساسة في علم النفس، وذلك على النحو التالي:
- الأطفال الحساسون الذين يتعرضون للإهمال، أو التربية القاسية تزيد معدلات القلق لديهم، مما يجعلهم يميلون لتجنب المواقف الاجتماعية.
- في حالة تلقي الأطفال الحساسين للدعم أثناء تنشأتهم، فذلك يطور لديهم مرونة عاطفية.
- التعرض لصدمات مبكرة، مثل الإهمال، أو التنمر، أو الضغط المتواصل، قد يشكل سمات الشخصية الحساسة، مع ميل للقلق.
- إذا نشأ الطفل الحساس في بيئة ترفض التعبير عن العواطف، مما يضطرهم لكبت مشاعرهم، فذلك يفاقم من توترهم.
- قد يكتسب الإنسان سمات الشخصية الحساسة من خلال محاكاة ردود فعل الوالدين الذين لديهم ردود أفعال مبالغ فيها تجاه المواقف.
استراتيجية التعامل مع الشخصية الحساسة
إذا كنت ممن يمتلكون سمات الشخصية الحساسة في علم النفس، فإنه من المهم وضع استراتيجية للتكيف؛ عبر اتباع النصائح التالية:
- ضع حدود واضحة: تعلم قول لا، وتجنب أن تستنزف طاقتك، خاصةً عند التعامل في بيئة ضاغطة أو مزدحمة.
- تعرّف على محفزاتك وتجنبها: حدد البيئات، أو المواقف التي تنهكك، على سبيل المثال في الأماكن الصاخبة يمكنك استخدام سدادات الأذن.
- تعلم تقنيات الاسترخاء: خصص وقتًا من يومك لتمارس أنشطة تساعد على الاسترخاء، مثل اليوجا، أو التأمل.
- اختر بيئة داعمة: من المهم سواء في العمل، أو الحياة الاجتماعية؛ أن تختار بيئة تتفهم حساسيتك، لتحسين جودة حياتك.
- استفيد من حساسيتك: استخدم قدرتك على الملاحظة في ممارسة الأعمال الإبداعية، أو اختر مهنة تحتاج إلى ذكاء عاطفي عال.
خلاصة ما تقدم أن سمات الشخصية الحساسة في علم النفس لا تعد اضطرابًا نفسيًا، إنما هي مجموعة من السمات التي تساهم في تشكيلها العوامل الجينية والعصبية؛ مما يجعل لديهم جهاز عصبي حاد الاستجابة، إضافة إلى عوامل بيئية، مثل التعرض للإهمال، أو التربية القاسية، مما قد يفاقم من قلقهم وتوترهم في المواقف الاجتماعية.