إن تأثير تغير المناخ على الكائنات الحية يعد موضع اهتمام شريحة كبيرة من الأفراد، وهذا لأن كوكب الأرض شهد الكثير من التغيرات المناخية في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب الأنشطة البشرية مثل احتراق الوقود الأحفوري، وإزالة الغابات وغيرها من الأمور التي يكون لها تأثير كبير على الكائنات الحية، ولهذا يساعدنا موقع فنون العلم في معرفة التغيرات المناخية وأثرها على الكائنات الحية.
جدول المحتوى
Toggleتأثير تغير المناخ على الكائنات الحية
يعتبر تغير المناخ من بين التحديات البيئة التي تواجه البشرية في عصرنا هذا، ويُذكر أنه يتم تعريف تغير المناخ على أنه تغيرات طويلة الأمد في درجات الحرارة، وأنماط الطقس، والتي قد تحدث لعوامل طبيعية أو بشرية.
إذ إنه مع ارتفاع مستويات الغازات الدفئية مثل الميثان، وثاني أكسيد الكربون، فإن حرارة الأرض تزداد، الأمر الذي يؤدي إلى بعض التغيرات الجذرية بالكائنات الحية، والنظم البيئية، وعليه يمكن معرفة تأثير تغير المناخ على الكائنات الحية المختلفة من خلال الآتي:
1- تأثير تغير المناخ على الكائنات البحرية

إن المحيطات حول العالم تمتص جزءًا كبيرًا من الحرارة المرتفعة التي تنتج عن تغير المناخ، الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع درجة حرارة المياه، مع زيادة الحموضة بسبب امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
الجدير بالذكر أن تلك التغيرات لها تأثير كبير على الكائنات البحرية، خاصةً المعتمدة على تكوين الهياكل العظمية والأصداف من كربونات الكالسيوم مثل المحار والأعشاب المرجانية.
كما أنه مع زيادة حموضة المياه فإن تلك الكائنات تتعرض بشكل كبير للضعف والموت، الأمر الذي يكون له تأثير كبير على السلسلة الغذائية البحرية بشكل كامل، كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات يؤدي إلى ابيضاض الشعاب المرجانية، ويعد هذا الأمر ظاهرة يفقد فيها الشعاب لونها، وتكون عرضةً أكثر للموت.
2- تأثير تغير المناخ على الكائنات البرية
إن الكائنات البرية تتأثر بتغير المناخ بشكل كبير، خاصةً مع ارتفاع درجة الحرارة، حيث إن هناك بعض الأنواع التي تبدأ في التحرك تجاه بعض المناطق المرتفعة أو القطبية، وذلك من أجل البحث عن ظروف مناخية تكون ملائمة بشكل أكبر.
الجدير بالذكر أن تلك الحركة لا تحدث دائمًا، خاصةً بالنسبة إلى الأنواع التي تعيش في بعض المناطق المعزولة، أو ذات الموارد المحدودة مثل بعض أنواع الطيور التي تواجه صعوبةً في تكيفها مع التغيرات الحادثة وقت هجرتها، وذلك بسبب تغيرات أنماط الطقس.
كما أن هناك عدة أنواع من الحيوانات مثل الزواحف والضفادع التي تعاني من قلة أعدادها، وذلك بسبب تغيرات درجات الحرارة والرطوبة التي يكون لها تأثيرًا على قدرتها على التكاثر.
3- تأثير تغير المناخ على الإنسان
من ضمن أشكال تأثير تغير المناخ على الكائنات الحية هو تأثيره على الإنسان، وذلك بشكل مباشر وغير مباشر في الوقت نفسه، حيث إنه مع تغير النظم البيئية فإن هناك بعض الموارد الطبيعية التي يعتمد الإنسان عليها تبدأ في النضوب، وذلك مثل الأراضي الزراعية والمياه العذبة.
كما أن تلك التغيرات في المناخ تؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض المتنقلة عن طريق الحشرات مثل حمى الضنك والملاريا، ويرجع ذلك إلى توسع نطاق تواجد تلك الحشرات في مناطق جديدة.
كما يجب العلم أن انقراض بعض الأنواع الحيوانية والنباتية يؤثر على التوازن البيئي، الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار الكثير من النظم البيئية التي يعتمد الإنسان عليها في الغذاء والدواء.
تأثير المناخ على النظم البيئية
بعد معرفة تأثير تغير المناخ على الكائنات الحية، لا بد من معرفة تأثيره على النظم البيئية التي تعتمد عليها الكائنات الحية بشكل مباشر، حيث إنه مع ارتفاع درجة الحرارة فإن بعض النظم البيئية تبدأ في الاختفاء أو التغير، مثل الغابات الاستوائية المطيرة التي تعتبر موطن الكثير من أنواع الحيوانات والنباتات تواجه خطر التدهور بسبب زيادة حرائق الغابات بالإضافة إلى الجفاف.
الجدير بالذكر أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى ذوبان الجليد بالمناطق القطبية، الأمر الذي يهدد حياة الكائنات الحية المعتمدة على تلك البيئات الباردة مثل البطاريق، والدببة القطبية.
تأثير المناخ على التنوع البيولوجي

يعتبر التنوع البيولوجي أساس استقرار النظم البيئية، ومع تغير المناخ فإن هذا التنوع يتم تهديده بشكل كبير، فمع اختلال الظروف البيئية، تبدأ بعض أنواع الكائنات الحية بالهجرة إلى مناطق جديدة من أجل البحث عن ظروف معيشية أفضل.
لكن هناك بعض الأنواع الأخرى التي لا يمكنها الانتقال أو التكيف، الأمر الذي يؤدي إلى انقراضها، مثل الكثير من أنواع الأسماك التي تتحرك تجاه القطبين بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات.
الأمر الذي ينتج عنه خللًا بالتوازن البيئي في المناطق التي يتم مغادرتها، والأخرى التي تستقر بها، كما أن تغيرات درجة الحرارة تؤدي بالتبعية إلى اختلال توقيت الأحداث البيولوجية مثل الهجرة والتكاثر، الأمر الذي يؤثر على دورة حياة الكثير من الكائنات المختلفة.
كيفية الحد من آثار التغيرات المناخية
في إطار الحديث عن تأثير تغير المناخ على الكائنات الحية من المهم العلم أن التغيرات المناخية تعتبر تحديًا كبيرًا للإنسان والبيئة، ولذلك فإنه ينبغي تبني بعض الاستراتيجيات التي تساعد على التكيف مع التغيرات المناخية، والتي من أبرزها:
1- تطوير البنية التحتية الخضراء المقاومة للتغيرات المناخية
إن البنية التحتية الخضراء تعتمد على استخدام بعض العناصر الطبيعية مثل الأشجار والنباتات في تصميم المباني والمدن والمناطق الحضرية، مثالًا على ذلك تلك الابتكارات التي تساعد على إنشاء حدائق عامة، وجدران زراعية، وأسطح خضراء.
كما أنها تساهم في تحسين جودة الهواء، مع تخفيف درجة الحرارة الحضرية، بالإضافة إلى تحسين إدارة مياه الأمطار.
2- التنوع الزراعي والحفاظ على التراث الوراثي
يساعد تشجيع التنوع الزراعي والحفاظ على التراث الوراثي للمحاصيل على تعزيز قدرة الزراعة على مواجهة بعض التحديات الجديدة، حيث يمكن تحقيق ذلك عن طريق تطوير الأصناف المتكيفة والمقاومة واستخدامها للجفاف والأمطار المتقطعة والحرارة المرتفعة.
3- التخفيف من آثار الفيضانات والجفاف
من أجل التخفيف من آثار الفيضانات والجفاف يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات مثل بناء السدود، مع التحكم في التصريف وتطوير أنظمة الري المستدامة، كما أنه يمكن تشجيع الكثير من الابتكارات والبحوث في مجال إدارة الموارد المائية.
4- تعزيز التوعية البيئية والتعليم
من خلال تطوير برامج توعوية وتثقيفية مع توفير موارد تعليمية للمدارس والمجتمعات والجمهور بشكل عام، فإنه يمكن للأفراد اتخاذ قرارات مستدامة، مع تبني سلوكيات مساهمة في تقليل الآثار السلبية للتغيرات المناخية، بالإضافة إلى التشجيع على اتخاذ بعض الإجراءات الصديقة للبيئة.
5- التكنولوجيا الذكية للطاقة
إن التكنولوجيا الذكية للطاقة تتضمن استخدام أنظمة الشبكات الذكية، بالإضافة إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنازل والمباني التجارية، حيث يمكن مثالًا استخدام أجهزة التحكم الذكية والاستشعار لضبط استهلاك الطاقة، مع تحسين الكفاءة الخاصة بالإضاءة والتبريد والتدفئة.
6- التخزين الكربوني
إن التخزين الكربوني يتمثل في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مع تخزينه في التربة والغابات والمحيطات، الجدير بالذكر أن تلك الابتكارات في هذا المجال تشمل تقنيات مثل إعادة التشجير، والزراعة القابلة للتجديد، وتقنيات إدارة الغابات بشكل مستدام.
ويمكن أيضًا الحفاظ على الغابات، مع زراعة المزيد من الأشجار، إذ إن الأشجار تعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو.
في الختام نشير إلى أن تأثير تغير المناخ على الكائنات الحية يهدد استقرار النظم البيئية والكائنات الحية المعتمد عليها، ومن خلال فهم تلك التأثيرات، فإنه يمكن اتخاذ خطوات إيجابية من أجل تخفيف تلك الآثار، مع الحفاظ على التنوع البيولوجي.